منفذ مباشر على المحيط الأطلسي انطلاقا من الصحراء.. هكذا منح الملك دول الساحل فرصة ظلت تحلم بها الجزائر لنصف قرن دون جدوى
وضع الملك محمد السادس خارطة طريقة جديدة بالنسبة للبلدان التي تريد الحصول على واجهة أطلسية حتى وإن كانت محرومة منها، حين أعلن، مساء أمس الاثنين، في خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، عن تمكين دول منطقة الساحل من هذا الأمر عبر سواحل الصحراء المغربية، في ما يمكن أن يقرأ كرسالة إلى الجزائر مفادها أنها اختارت الطريق الخطأ.
وأعلن العاهل المغربي عن مسار جديد قد يغير وجه القارة الإفريقية، من خلال إطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي، يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين، بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، بمبادرة مغربية، موردا أن المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.
لكن المفاجأة الأكبر التي حملها الخطاب، كانت موجهة لدول منطقة الساحل الخمسة، فباستثناء موريتانيا التي تتوفر بالفعل على إطلالة على المحيط الأطلسي، سيصبح بإمكان بلدان مالي النيجر وبوركينافاسو وتشاد الوصول إلى الواجهة التي وصفها الملك بأنها "بوابة المغرب نحو إفريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي"، علما أنها كلها دول داخلية ليست لها أي إطلالة على البحر.
والواضح أن الخيار المطروح أمام تلك الدول، هو الاستفادة من العرض الملكي غير المسبوق، في إطار محدد هو السيادة المغربية على الصحراء، وهو الطموح الذي ظلت تسعى إليه الجزائر منذ ما يقارب نصف قرن، عبر دعم الطرح الانفصالي من خلال جبهة "البوليساريو"، دون أن تتمكن من الوصول إلى هذا الهدف.
ويمكن للمغرب حسم مستقبل مصالحه في منطقة الساحل في ظل التغيرات الجذرية التي تعرفها المنطقة، فدول مالي والنيجر التي تتقاسم الحدود مع الجزائر، إلى جانب بوركينافاسو، كلها شهدت انقلابات في السنوات الماضية أفرزت تغيرا في السلطة، وتمضي لخلق تكتل إقليمي سياسي واقتصادي وعسكري ناشئ، سيكون المقترح المغربي فرصة استراتيجية تاريخية بالنسبة له.
وجاء في خطاب العاهل المغربي "نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي"، مضيفا "غير أن نجاح هذه المبادرة، يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي".
ولتأكيد نواياه بخصوص مستقبل المنطقة، أكد الملك محمد السادس أن المغرب "مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها".
ولا يمكن فصل هذا الأمر عن "الجدية" التي أعاد الملك الحديث عنها، وعن "القيم الروحية والوطنية والاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات"، موردا "لقد جسدت المسيرة الخضراء هذه القيم العريقة"، قيم التضحية والوفاء وحب الوطن، التي مكنت المغرب من تحرير أرضه، واستكمال سيادته عليها".
وبشكل أكثر وضوحا بالنسبة للدول المعنية حدث الخطاب عن "منظومة متكاملة من القيم" مكنت من "توطيد المكاسب التي حققها المغرب في مختلف المجالات" لاسيما في "النهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية وترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي"، مشيرا إلى أن العديد من الدول اعترف بمغربية الصحراء، وعبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، "هي الحل الوحيد لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل".
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :